لا تغتر كثيرا اذا ما قوبلت بابتسامة أو بكلام ناعم، فقد لا تخرج استجابات حسناءك عن كونها مجندة في وحدة استخباراتية إسرائيلية خاصة، عمادها النساء، وهدفها التواصل مع الشباب العربي لإسقاطهم في فخ الجاسوسية.
هذا ما أفادت به عدة تقارير إعلامية إسرائيلية نشرت مؤخرا، وزادت أن 'تلك الوحدة تستخدم احدث الوسائل التكنولوجية لرصد الشباب العربي على الانترنت ومعرفة نشاطاتهم، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، لتدرس هدفها بعناية، وتعرف من أي مدخل يمكن إسقاطه'.
مصدر امني رفيع كشف لوكالة 'وفا'، عن استعار حرب استخباراتية وصفها بالـ'شيطانية' تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني، فاق عدد من سقط فيها من ضحايا في شرك 'الشاباك' في الأعوام من عام 2000 وحتى العام2006، عدد ما جندته اسرائيل من جواسيس منذ العام 1967 وحتى العام 2000.
المصدر الامني والذي شخصَ الوضع بـ'المخيف وبالغ الخطورة'، استند في ارقامه على تصريحات سابقة لمسؤولي 'الشاباك'، وعند سؤاله اذا ما كان الامر لا يعدو كونه مجرد تضخيم إسرائيلي مقصود؟، لم يستبعد ذلك إلا انه عاد وأكد على ان التحريات الأمنية، حذرت بالفعل من ارتفاع ملحوظ ومتزايد في حجم العملاء.
لقمة العيش..الطعم الاكثر فاعلية للوقوع في شباك 'الشاباك'
وفيما لا يقتصر عمل الجواسيس على نقل المعلومات، ويتعداها إلى إثارة الفتن وخلق النعرات وضرب القاعدة الأخلاقية، بل وحتى التحضير لوجستيا لعمليات تصفية جسدية لشخصيات وطنية وناشطين ميدانيين، فان الأساليب والحيل التي يسقطون فيها في شرك 'الشباك' متعددة وكثيرة.
ويقول المصدر الأمني 'ان الأساليب المستخدمة للإسقاط متعددة، كاستغلال الحاجة للسفر عبر تهديد الشخص بمنعه من السفر للدراسة أو العلاج، أو الإسقاط في السجون خاصة للأطفال والذين باتوا يشكلون هدفا يوميا للاحتلال، أو عبر المخدرات...وغيرها، إلا ان الوسيلة الأخطر والأكثر إسقاطا تتمثل في استغلال العوز والأوضاع الاقتصادية الصعبة في الأرض المحتلة'.
ويضيف المصدر ان 'الشاباك ينشط في هذا المضمار عبر طرق مختلفة أبرزها: الابتزاز بتصاريح العمل والتجارة، ومراقبة الصفحات الالكترونية التي تعرض فرص عمل، فمن المعروف ان الحاجة والبطالة يترافق معهما ظروف نفسية صعبة، تشكل أرضية خصبة لاستهداف الشباب'، لافتا إلى وجود صفحات توظيف الكترونية وهمية، هي في الحقيقة تابعة لـ'لشاباك' تستعمل كمدخل للتجنيد.
احذر...فالشاباك يترصدك في بيتك وفي اكثر شؤونك خصوصية
'كنت سعيدا جدا بعلاقتي بجونيا والتي ادعت أنها من مدينة حيفا، وبدأت أجلس معها لساعات أمام الكاميرا يوميا'، يقول العميل خالد (26 عامأ) والذي نقلت اعترافاته احدى وسائل الاعلام المحلية.
ويضيف 'اشتريت كاميرا ومايك للدخول إلى هذه المواقع (الإباحية)...وبدأت أتعرف على فتيات منهن عربيات والحديث معهن بالصوت والصورة، فأعجبتني جونيا، التي طلبت مني لاحقا أن أخلع ملابسي أمام الكاميرا وهي ستفعل كذلك فلم أتردد كثيرا، وطلبت مني القيام بإيحاءات جنسية ففعلت، طلبت رقم جوالي فأعطيتها'.
ويتابع خالد 'بعدها بأيام اتصلت بي وأخبرتني أن مديرها في الشركة سيتصل بي لينسق لقاءاً بيننا سعدت بذلك وفعلاً اتصل بي ... إلا ان حديثه معي كان استخفافاً، فاخذ يضحك ويحدثني عن بعض اللقطات التي قمت بها أمام الكاميرا وأنا عاري مع جونيا، وقال لي أنه سيعرضها في موقعه وأنها ستجلب الكثير من المشاهدين وهنا بدأت المساومة، وقال لي أنت عربي تبحث عن الإباحية وأنا مخابرات أحتاج إلى معلومات عن المخربين...صعقت بهذه الجملة ولم اعرف ماذا اصنع وأغلقت الهاتف مباشرة'.
ويقول خالد 'اعاد الاتصال ليقول نحن نعرف عنك الكثير وبدأ يذكر معلومات عني وعن اسرتي وأصدقائي وعن تفاصيل حياتي فزادت دهشتي، ونحن لا نريد منك معلومات خطيرة، فأنت تسكن في منطقة حدودية نريد فقط عندما تشاهد أي شخص يقترب من المنطقة أن تقوم بالاتصال بي مباشرة ونحن سنتولى أمره'.
ويتابع 'اجبته اتريدني أن أصبح عميلا..ابحث عن غيري، فاخذ يضحك وقال بتسلم عليك 'جونيا'، وسيكون فيلمك على صفحتها خلال نصف ساعة عندها استسلمت له وقلت له سوف اتصل بك، بعدها لم استطع الوصول أبدا لـ'جونيا', واكتشفت أنني أصبحت عميلاً ولا استطيع العودة إلى الخلف'.
ويضيف 'بدأت في الاتصال بضابط المخابرات، وأخبره عن تحركات المقاومين، استمريت على هذا الحال لأكثر من 3 سنوات وكان يتواصل معي دائما وقد ارسل لي بعض المال وشريحة أورنج، كان قد وضعها عملاء آخرين لي في نقطة ميتة، وفي أحد الأيام اخبرتهم عن وجود أشخاص يطلقون الصواريخ .. لأسمع بعدها بلحظات سمعت دوي انفجار كبير علمت أنه استهدف مقاومين واستشهد عدد منهم وأصيب آخرون..بعد هذا الحادث تم إلقاء القبض علي وها أنا احصد ما زرعت'.
ولا يقف هذا الامر عند حد الشاب خالد، فوفقا لخبر تناقلته وسائل اعلام محلية وعربية فان احد قراصنة شبكة الانترنت، تمكن من اختراق موقع شركة خدمات إباحية إسرائيلية مقرها قبرص، واستخرج من بياناتها لائحة بزبائن هذه الشركة، حيث كشفت تلك البيانات أن السواد الاعظم من الزبائن هم من العرب.
بالعودة إلى المصدر الأمني، والذي وصم هذا النوع من الإسقاط بــ'الظاهرة المنتشرة والخطيرة' والتي يطلق عليها اسم التجنيد الالكتروني، مشيرا إلى ان هذا التجنيد ينقسم الى قسمين: تجنيد مباشر عبر مواقع رسمية للمخابرات الإسرائيلية تتيح لأي شخص الوصول إليها والتعامل معها.
والثاني غير المباشر، وهو الأخطر والأكثر انتشارا ويتمثل بمواقع التواصل الاجتماعي التي تفتح الباب واسعا أمام 'الشاباك' لدخول المنازل من دون أي عائق أو رقيب، فهم يحترفون الانتحال والخداع، وأساليب علم النفس، ويتقنون العربية ويتسمون بأسمائها ويستخدمون مصطلحاتها العامية حتى تعمي عليهم، ليتاح لهم بعد ذلك دراسة نقاط ضعف بهدف الاسقاط.
ولا يكمن الخطر الحقيقي في حجم السيطرة المخابراتية على تلك المواقع، بل وإنما في حجم وطبيعة العلاقات التي تربط الكيان الصهيوني مع هذه المواقع الالكترونية التي تحتل المراكز الاولى عالميا من حيث التصفح.